دراسة للمرصد: لا عدالة في الأنظمة الضريبية في العالم العربي
تم النشربتاريخ : 2014-11-16
رام الله- نقلا عن معا - اصدر مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية (المرصد) وشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية دراسة جديدة بعنوان "دراسة مقارنة: الأنظمة الضريبية في 6 دول عربية"، حيث اعتمدت الدراسة على مشروع بحثي نفذ لمدة سنتين من قبل شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، ومرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية وبالتعاون مع عدة أطراف ومؤسسات وطنية.
واشارت الدراسة الى انه لا ينظر الى النظام الضريبي في الدول العربية بوصفه إحدى الادوات الاساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال دوره في اعادة توزيع الدخل بين المواطنين. لا بل يعتبر آلية مهمة من أجل تشكيل إيرادات الدولة، وتحديد شكل إنفاقها. وتقضي العدالة أن تقوم الدولة بتحديد البرامج الاجتماعية والاقتصادية والتنموية المهمة من أجل تنمية مواردها والمجتمع، وفي حال بقيت الإيرادات مرتبطة بفكرة واحدة، وهي الإنفاق العمومي على الرواتب والأجور، ونفقات مؤسسات الدولة، فإن الواقع الاقتصادي والاجتماعي لن يتغير، وهذا ما لمسه الكثيرون بعد الثورات في الدول العربية، حيث بقي شكل النظام الاقتصادي كما هو، لا بل تفاقم الوضع سوءا بازدياد المديونيات الخارجية. لذلك لا بد من التوجه نحو الانفاق الاستثماري الذي يساهم في تعزيز الواردات العامة في مساهمة المواطنين في تمويل أنشطة الدولة.
كما بينت الدراسة ان الأنظمة الضريبية تلعب دورا أساسيا حيث تكمن فكرة الضرائب بمساهمة نسبية حسب القدرة والدخل، وينقسم المواطنون إلى فئتين، الفئة الأولى وهم الأفراد الطبيعيون، والثانية وهي الأطراف الاعتبارية أي الشركات. واوضحت الدراسة التحليلية، والدراسات الوطنية الست أن التحصيل الضريبي من الأفراد يفوق بشكل كبير التحصيل الضريبي من الشركات، وذلك لوجود عيوب قانونية كبيرة، إضافة إلى وجود الفساد، وطبيعة العلاقة بين البنية الإدارية للدولة والشركات، اضافة الى طبيعة الإعفاءات المقدمة للشركات الأجنبية والمحلية في عدة حقول، لا تتناسب مع الأولويات التنموية، بل هي أحيانا سابقة لأي تخطيط تنموي، حيث يسود في الفكر التخطيطي التنموي أن تعطى الإعفاءات الضريبية وغيرها من أجل تنشيط قطاعات اقتصادية محددة ولمدد زمنية محددة، من أجل الانتاج والتشغيل، تحقيق النمو الاقتصادي، وبالتالي تعزيز مساهمة القطاع الاقتصادي في الناتج المحلي الإجمالي، غير أن الواقع يختلف تماما عما هو مفروض.
الأمر الثاني أن الإعفاءات المقدمة للأفراد في حدها العام قليلة، وهي تلامس خط الفقر الوطني، بمعنى أن الإعفاء الضريبي للدخول والرواتب الخاصة بالأفراد غير عادلة، وهي بالإجمال لم تحدث منذ فترة طويلة بحيث تأخذ بالاعتبار غلاء المعيشة والقدرة الشرائية للمواطنين، وتظل بعض الأنظمة الضريبية قاصرة عن إدراك فروق أساسية في الإعفاء المعطى للفرد، وذلك المعطى للعائلة المكونة من عدد من الأفراد، حيث أن الإعفاء الضريبي لا يتجاوب مع كثير من المعايير الاجتماعية.
تناولت معظم الدراسات الوطنية مسألة الضرائب غير المباشرة بأنواعها ومسمياتها المتباينة، ولكنها بشكل عام نتجت من فترة التحرير الاقتصادي، وتخلي الدولة عن أدوارها، وتوقيع الدول العربية على الكثير من الاتفاقيات، التي طالبت بفتح الأسواق وتخفيف الحماية عن السلع الوطنية، وإتاحة المجال لتنافسية عالية للمنتج الأجنبي، مما أدى إلى تراجع إيرادات الدول العربية من القطاعات الانتاجية ومن الجمارك.
واشارت الدراسة الى ان التهرب الضريبي ظاهرة منتشرة في معظم الدول العربية، وتنتج عن أمرين، الأول قدرة الشركات على التهرب والتحايل الضريبي، وكذلك هروب الأفراد من دفع الضريبة، وجزء منهم بسبب عدم عدالة الضريبة، وعدالة الدولة في الخدمات، حيث إن الكثير من المناطق والفئات الاجتماعية تقوم بتسديد الالتزامات المالية للدولة من ضرائب وغيرها، فيما لا تقوم الدولة بتوجيه البرامج الاجتماعية.
كما اوضحت الدراسة ان هنالك غياب لأي حوار اجتماعي بين مختلف الفاعلين الأساسيين الاقتصاديين والاجتماعيين وبين الدولة من أجل إجراء حوار وطني حول الأنظمة الضريبية، وسبل إصلاحها بحيث تخلو من الثغرات القانونية، والأهم أن تنحى نحو العدالة الاجتماعية وتحقيقها، بحيث يتم توسيع قاعدة المكلفين ضريبيا من ناحية، وكذلك التدرج التصاعدي في الشرائح الضريبية بحيث تزيد كلما ارتفعت الثروة أو الدخل أو الراتب.